روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | يسألونك عن المعوقين والمهرجين..

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > يسألونك عن المعوقين والمهرجين..


  يسألونك عن المعوقين والمهرجين..
     عدد مرات المشاهدة: 3872        عدد مرات الإرسال: 0

في طريق كل نهضة ترمق المستقبل بالأمل، وتغالب مصاعب الحاضر بشدة العزم وطول العمل، تجد صنفين من الناس هم أبدًا مثار فتنة ومصدر يأس.

هذان الصنفان يحددهما الشيخ محمد الغزالي رحمه الله فيقول:

* أما الصنف الأول فهم المعوقون الذين يعترضون ببلادتهم كل حركة، وبتشاؤمهم كل رجاء، فإذا رأوا مشروعًا جيدًا خلقوا في وجهه الصعاب، وإذا رأوا نية صادقة أثاروا حولها الريب، وإذا رأوا طليعة زاحفة وضعوا أمامها العراقيل، كأن سرورهم لا يتم في هذه الحياة إلا إذا سكبوا من برودهم على كل حرارة فأطفؤوا لهبها، وإطمأنوا إلى ظلامها، لأنهم لا يحبون الخير، ولا يطيقون أن يروا بوادره تنبت بين الآخرين.

* الصنف الثاني صنف المهرجين، وهم قوم يتفقون مع زملائهم في خراب القلب من حب الخير وتمني نجاحه، بيد أن لهم مسلكًا ملتويًا في التعبير عما في ضمائرهم من شر... فهم في صفوف العاملين يكثرون السواد، ويملؤون الجو هتافًا وتصايحًا، فإن يكن نصر كانوا أول المطالبين بحقوقهم في الغنيمة، وإن بدت نذر الكفاح بدأت صيحاتهم العالية تخفت، ونبراتهم الداوية ترتعش، يدفعون غيرهم إلى الأمام بعنف، ثم يبحثون عن أماكنهم هناك... في مؤخرة الصفوف وقلوبهم تدق رعبًا في إنتظار النتيجة.

وكثيرًا ما يكون هؤلاء في مناصب تغريهم بالتطاول والسفاهة على الجمهور النقي من المؤمنين المخلصين.

وفي الصنفين جميعًا يقول القرآن الكريم: {قَدْ يَعْلَمُ اللهُ المعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأسَ إِلَّا قَلِيلًا*أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الخوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الموْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الخوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الخيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُم} [الأحزاب:18-19].

وأمثال هؤلاء الناس يستطيعون أن يبرزوا على عجل في أي ميدان، فليس أيسر على المعوق والمهرج من الظهور، ما دامت وسائل التقدم لا تعني أكثر من حنجرة صياحة، ونفس ملحاح، وحياءٍ قليل، وثبات ضئيل.

ولكن الميادين التي تحفل بهؤلاء هي ميادين الهزيمة، لا ميادين الشرف.

وعلى كل مجتمع يريد أن يدعم أركانه، بل على كل صف يريد أن يحفظ كيانه أن ينفي هذا الخبث عنه، فما إبْتُلِي الشرق في نهضاته الأخيرة إلا لأن المعوقين والمهرجين وجدوا المجال لنفث سمومهم، بل وجدوا الفرصة لإقصاء العاملين الصامتين، والشهداء المجهولين.

يا شهيدًا شق أمواج الفتنْ

في كفاح بالتحدي مرتهنْ

قد طوى في جرحه كل المحنْ

قلبه قد هام في حب الوطنْ

ظل نجمًا ثاقبا

كي ينير الغيهبا

ذا شموخ وإبا

شمسه لن تغربا

أنت يا خير انتماءْ

دأبه حسن البلاءْ

* * *

في حنايا الليل ما ضل الطريقْ

جاعلاً من هديه أوفى صديقْ

إنه من جوهر المسك الفتيقْ

ذو نبوغ وهو من أصل عريقْ

سل معاريج السماءْ

عن دماء الشهداءْ

فَهْيَ مسك وذكاءْ

ووسام للولاءْ

وَهْي سفر للفداءْ

وَهْي زاد الأتقياءْ

 

الكاتب: عبد الرحمن هاشم

المصدر: موقع المستشار.